مليارات الريالات تنفقها الدول النامية والمصنعة على التقنية في الخليج العربي، وتوقع تقرير «اقتصادي» أن تنمو
معدلات الإنفاق على تقنية المعلومات في الشرق الأوسط وفي الخليج بالتحديد، بنسبة 30% تقريبا خلال السنوات
الأربع المقبلة. ويبدو أن معظم هذه الاستثمارات التقنية سوف تتركز في مجال الحلول البرمجية والتطبيقات على
مستوى القطاع الخاص، وكذلك القطاع الحكومي، مع جعل القطاع الخاص شريكاً في التدريب والتعليم بصفة دائمة..
مجلة "آسية" الإلكترونية استضافت الدكتور "سعيد آل مزهر" من كبار المتخصصين في هذا المجال في
المملكة العربية السعودية.
* وعندما طرحنا على الدكتور "آل مزهر" سؤالا عن الكلفة الاقتصادية للتعليم الإلكتروني قال: الحقيقة أن القضية هنا
ليست قضية تحديد كلفة مالية لتشغيل مشروع التعليم الإلكتروني؛ بقدر ماهي قضية تحتاج إلى وضع استراتيجيات
شاملة، وخطط عمل تشمل ميزانية شاملة، وطرقاً مختلفة، لتمويل مشروع التعليم الإلكتروني، لأن الميزانية يجب أن
تشمل ما يخص التصميم والتطوير والتسويق والتقديم والصيانة المستمرة، بالتعاون مع القطاع الخاص، وأنا هنا أركز
على القطاع الخاص؛ حيث إن الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص المتخصصة في هذا المجال هي النجاح بعينه،
إذا أردنا أن يكون لدينا تعليم إلكتروني صحيح، كذلك المسألة هنا متعلقة بوقت وجهد يتطلب أن نبدأ من حيث انتهى
الآخرون، ولا ننسى هنا أن التعليم الإلكتروني أصبح سوقا عالمية تستحق الاستثمار.
أيضا لابد من الإشارة هنا إلى أن التعليم الإلكتروني نمط يستخدم تقنية المعلومات والاتصالات لخدمة التعليم التقليدي
وتطويره وتجويده ونقله نقلة نوعية، من هنا لابد أن تكون الميزانية الخاصة بالتعليم التقليدي في الميزانية العامة
للدولة تشمل التعليم الإلكتروني؛ لأنه جزء لا يتجزأ من التعليم المتطور المجود الذي ننشده.
* وعند الحديث عن المحتوى التعليمي للتعليم الإلكتروني قال: المحتوى أحد الأمور المهمة جدا في التعليم
الإلكتروني؛ لأنه متصل بالتعلم الصفي اتصالا مباشرا، كما أنه متعلق بالمادة العلمية المعرفية، وله علاقة بجوانب
كبيرة أخرى تؤدي إلى الإبداع والابتكار في إيصال المعرفة الخاصة بالمحتوى العلمي، الذي يعتمد على أهداف
تعليمية تخصص كل مقرر، كما أن المحتوى له أنماط مختلفة؛ لأنه ليس كل محتوى مناسباً لبيئة التعلم الإلكتروني،
وهنا يأتي دور المصممين، وقبلهم ولاشك محللو المحتوى؛ لأنهم يساعدون المصممين على تحديد مجالات المحتوى
المناسبة للتعلم الإلكتروني، وما ينبغي إعطاؤه بالطريقة التقليدية اعتمادا على الموقف التعليمي، هنا يجب الإشارة
إلى أن التمازج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني يؤدي إلى تعليم نوعي يناسب البيئة التعليمية في المملكة العربية السعودية.
أعود وأقول إننا نحتاج عند تصميم المحتوى الإلكتروني إلى الاهتمام بأمور مهمة، مثل مدى ثبات المحتوى وتحديثه
وتنقيحه بين فترة وأخرى، ومدى قابليته للتغيير ومسايرة الواقع.
نقطة مهمة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار عند تصميم المحتوى، هي من المتعلمون؟ وتحديد الأهداف، والوسائط
التعليمية، والعروض التقديمية العلمية والعملية، والتدريب والنشاطات التعليمية، وغيرها من القضايا التعليمية
التعلمية التي يطول الحديث عنها.
* وبخصوص حدود التعليم الإلكتروني، قال: التعليم الإلكتروني يوسع حدود التعليم والتعلم؛ لأن التعليم يمكن أن
يحدث في البيت وفي المدرسة وفي أماكن الاستراحة والترفيه، وفي أي وقت، ويتصف بالمرونة المطلقة من حيث
الزمان والمكان، هذا بدوره يجعل المتعلم أكثر نشاطا والتصاقا بالمنهج، بشرط الإبداع في التصميم والجاذبية
والتشويق، لأن العملية التعليمية تتمركز حول المتعلم كعنصر ونواة تنطلق منه عملية التعليم الإلكترونية.
* وحول خصوصية المرأة في مجال التعليم الإلكتروني قال: أعتقد أن التعليم عن بعد بشكل عام والتعليم الإلكتروني
كأحد أنماطه، نعمة كبيرة أنعم بها الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة، وخاصة المرأة المسلمة؛ لما في هذا النوع
من التعليم من خدمة لها والمحافظة على خصوصيتها في المجتمع الإسلامي المحافظ، حيث تتمكن المرأة المسلمة
من التعلم من وفي منزلها حسب وقتها، وحسب جهدها، يقول أحد المختصين السعوديين في مجال التعليم
الإلكتروني إن التعليم الإلكتروني بمثابة البساط السحري للمرأة المسلمة، والذي من خلاله يمكن للمرأة أن تتعلم
في أي وقت وفي أي مكان، إننا هنا يجب أن نستغل الإمكانات التي يوفرها التعليم الإلكتروني لخدمة المجتمع على وجه العموم والمرأة على وجه الخصوص.
وستتمكن المرأة من خلال التعليم الإلكتروني إكمال تعليمها، خاصة تلك التي تزوجت، أو التي لم تتمكن من إكمال
تعليمها لأسباب اجتماعية أو غيرها في المدارس والجامعات.
* وحول التعليم الإلكتروني كوسيلة تعليمية أشار إلى أن التعليم الإلكتروني إحدى وسائل التعليم عن بعد، فالتعليم
عن بعد مفهوم أشمل من مفهوم التعليم الإلكتروني، الحاسوب، التعليم المبرمج، التلفزيون، الفيديو، الراديو،
المراسلة، وغيرها.. كلها وسائل للتعليم عن بعد، لكن التعليم الإلكتروني ببساطة هو تقديم المناهج أو المقررات عبر
شبكة الإنترنت، وقد يكون التعليم فيه متزامنا، أي يكون التعليم محدد المكان والزمن، أو غير متزامن، وفيه يتلقى
المتعلم تعليمه وفق برنامج يتم فيه انتقاء الزمان والمكان بما يتناسب مع ظروف المتعلم.
* وحول ثقافة المجتمع السعودي والتعليم الإلكتروني أكد بقوله: لا شك نحن نحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع نحو
العمل الإلكتروني، والتحول التدريجي من التقليدية إلى الإلكترونية يتطلب التدرج في التحول، وفي اعتقادي أن
تطبيق الحكومة الإلكترونية في الأعمال الحكومية وإدارة العمل والبنوك وغيرها، سيزيد من ثقافة المجتمع الإيجابية
نحو العمل الإلكتروني، هذا يقود المجتمع بدوره إلى استقبال فكرة تطبيق الحكومة الإلكترونية في العمل التربوي
والتعليمي بايجابية وسهولة، وبالتالي استثمار توظيف تقنية الاتصالات والمعلومات لخدمة المتعلم والعملية التربوية
والتعليمية برمتها.
* وحول قضية اعتراف المملكة بالتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، قال: القضية هنا ليست قضية أن المملكة
تعترف أو لا تعترف بخريجي الجامعات التي تقدم تعليمها عن طريق التعليم عن بعد، لأن هناك ما يسمى بالاعتماد
التعليمي أو الأكاديمي في المدارس والجامعات، فهناك أنظمة تحكم ذلك، ووزارة التعليم العالي هي الجهة المخولة،
ولديها دراية كاملة حول هذا الموضوع، لما فيه مصلحة هذا البلد الكريم، ومصلحة المتعلم نفسه.
في المقابل ليس هناك مشكلة في الشهادة التي يحصل عليها الطالب عن طريق التعليم عن بعد إذا كانت من جامعة
معترف بها، وعلى وجه العموم في هذا المجال إذا كانت الشهادة معترفاً بها أو غير معترف بها، فالمهم جدا هو من
الذي يعترف بهذه الشهادة.
* وبخصوص تلبية التعليم الإلكتروني وتلبية حاجات المجتمع أشار إلى أن التعليم الإلكتروني استطاع تلبية حاجات
كثير من المتعلمين والمتدربين، وقدم خدمات تربوية وتدريبية قابلة للنمو، وأكدت كثير من الدراسات جدوى التعليم
الإلكتروني، وأتاح فرص التعليم على نطاق واسع، وشكل التعليم الإلكتروني فرصة للفئات التي حُرمت من التعليم
لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو جغرافية أو غيرها من الأسباب والعوائق، هذا ما يجب أن نعترف به قبل الخوض في
حل مشكلة الضغط على الجامعات والقبول فيها، لكن السؤال المهم هنا: هل ستنافس الجامعات الإلكترونية الجامعات
التقليدية، خاصة في إعداد الكوادر والتهيئة لسوق العمل؟ لا أعتقد ذلك؛ لأن الجامعات والمدارس التقليدية تقوم بدور
تربوي وتعليمي مهم ملموس ومحسوس لا يمكن الاستغناء عنه بالدور التعليمي للتعليم الإلكتروني، خاصة إذا كان
غير متزامن.
* إضافة: نادت كثير من الدراسات والأبحاث والندوات بضرورة التوجه نحو التعليم الإلكتروني في المدارس والجامعات،
ففي الوقت الذي أصبح التعليم الإلكتروني واقعا وسوقا وصناعة وفلسفة تربوية وتحديا جديدا للتربويين، فإن الحاجة
ملحة إلى بذل الجهد من الجميع لمواجهة هذا التحدي الكبير، والاستفادة منه في تجويد وإصلاح التعليم ونقله نقلة
نوعية، ولكن كيف؟ هذا يحتاج إلى إجابة مخلصة لهذا الوطن الغالي.
موضوع قيم اخي عناد .. استفدت منه الكثير .. ومدونة رائعة .. ننتظر منك كل جديد .. تقبل مروري وتحياتي .
ردحذفأشكرك أخي أحمد على إنارتك لموضوعي
ردحذف